بيروت، 20 تشرين الأول/اكتوبر، 2014 – يتعيّن على لبنان اتخاذ خطوات حازمة لجبر الضرر عن ضحايا النزاعات السابقة والإسهام في الحؤول دون تكرار أعمال العنف في المستقبل، وذلك بحسب ما أعلن المركز الدولي للعدالة الانتقالية والمجموعات الحقوقية اللبنانية خلال طاولة مستديرة عُقدت في بيروت. علماً أنّ السلطات اللبنانية قد فشلت في معظم الأحيان في القيام بواجبها في وضع حدّ للانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان وضمان تأمين العدالة والكشف عن الحقيقة لضحايا الحرب التي امتدت من العام 1975 وحتى العام 1990 والنزاعات المتتالية.
تركّزت أعمال الطاولة المستديرة حول نص توصيات جديد مؤلف من 41 صفحة تحت عنوان "مواجهة إرث العنف السياسي في لبنان: برنامج للتغيير"، يعرض لمجموعة من الاصلاحات السياسية والاجتماعية الهادفة إلى معالجة الانتهاكات الموثقة والشائعة التي ارتكبت منذ بداية الحرب في العام 1975. وهي تشمل، على سبيل الذكر لا الحصر، أعمال القتل، والاخفاء القسري، والتهجير، والتعذيب، والاعتقال غير القانوني في لبنان، كما في سورية وإسرائيل.
وضع هذه التوصيات ائتلاف يضم 22 جمعية من هيئات المجتمع المدني وعشرة أكاديميين رائدين لبنانيين. وقد جاءت هذه التوصيات وليدة 10 أشهر من الأبحاث والتحليل.
"تهدف هذه التوصيات إلى تفعيل قدرات مؤسسات الدولة للقيام بواجباتها واتخاذ تدابير لمحاسبة المعنيين والتأكيد على حقّ الضحايا"، قال دايفيد تولبرت، رئيس المركز الدولي للعدالة الانتقالية، الذي كانت له مداخلات خلال الطاولة المستديرة حول الإصلاح المؤسساتي وسيادة القانون. "فالهدف الشامل لهذه التوصيات جمعاء هو معالجة جذور اسباب ا العنف المتكرر في لبنان والاعتراف بحقّ الذين تضرروا جرّائه أكثر من سواهم."
فعلى سبيل المثال، يدعو الائتلاف مجلس النواب إلى تعديل البند التاسع من المادة 53 من الدستور اللبناني عبر إضافة عبارة تنصّ على منع إصدار قرارات العفو العام أو الخاص بحقّ مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية. فبحسب الائتلاف "أدت سياسة الإفلات من العقاب بحق مرتكبي الانتهاكات الخطرة واعتماد المقاربة الانتقائية في العدالة الجنائية، والتي غالبًا ما توجّهها اتفاقات تقاسم السلطة، إلى حرمان الضحايا من حقّهم في العدالة". وينصح الائتلاف أيضًا بأن يصدر مجلس الوزراء مرسوما تشريعيًا يحدّد آليات جبر الضرر والتعويض على ذوي المفقودين والمخفيين قسرًا. أثناء وضع برامج التعويضات هذه يتعيّن على مجلس الوزراء أن يأخذ بعين الاعتبار المشقة التي عانت منها النساء اللواتي أصبحن ربّ الأسرة، بعد احفاء الزوج، أو الأب، أو الأخ والصعوبات التي تكبّدها الأولاد بعد غياب والدهم أو الوصيّ عليهم.
"فتنفيذ هذه التوصيات خطوة أساسية لبناء مجتمع يراه اللبنانييون شاملاً، وعادلاً، ومنصفًا وقابلاً للحياة"، قالت كارمن أبو جودة، مديرة مكتب بيروت في المركز الدولي للعدالة الانتقالية، خلال افتتاح مناقشات الطاولة المستديرة، "إذ لا بدّ وأن يعتبر المواطنون اللبنانيون مجتمعهم عادلاً".
تستند هذه التوصيات إلى ثلاثة تقارير أصدرها حديثاً المركز الدولي للعدالة الانتقالية حول العنف السياسي في لبنان.
-
تقرير جديد بعنوان، "كيف يتكلم الناس عن حروب لبنان: دراسة حول تجارب سكان بيروت الكبرى وتطلعاتهم": يتضمن بيانات نوعية حول الطريقة التي يتحدث فيها سكان منطقة بيروت الكبرى عن الحروب والحاجة إلى الحقيقة والعدالة ووضع حد للعنف المتكرر. مثل المشاركون في المسح مختلف شرائح المجتمع، من الشباب إلى الأكبر سناً، والنساء والرجال، من مختلف الطوائف، إضافة إلى فلسطينيين، وضحايا العنف المباشر وغير المباشر. فقد كشفت الدراسة، وبشكل غير مفاجئ، التصوّر المهيمن، بأنّ "الحرب لم تنته بعد". فقد اعتبر عدد كبير من المشاركين في المسح بأنّ لبنان بعيد كلّ البعد عن أن يصبح مجتمعًا مستقرًا، يحترم حقوق الانسان بسبب عدم الاستقرار الإقليمي وغياب الاصلاح المؤسساتي. وكشفت الدراسة أيضاً عن انعدام الثقة العامة بالقيادة السياسية الحالية والبنى الحكومية القائمة للقيام بإصلاحات حيادية وفعالة.
-
تقرير صادر في كانون الثاني/يناير 2014، "عدم التعامل مع الماضي: أي تكلفة على لبنان؟" يتناول حالة الإفلات من العقاب في لبنان والتدابير التي اتخذتها الحكومات اللبنانية المتعاقبة لمعالجة الانتهاكات الجسيمة من خلال المحاكمات، والاصلاح المؤسساتي، والبحث عن الحقيقة وجبر الضرر منذ العام 1990، والاسباب التي لم تسمح لهذه التدابير في معظم الأحيان من تأمين حقوق الضحايا.
-
تقرير صادر في أيلول/سبتمبر 2013، ""إرث لبنان من العنف السياسي، مسح للانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ما بين عامَي 1975 و2008"، الذي يجمع معلومات حول مئات الانتهاكات الخطرة لحقوق الإنسان التي وقعت في لبنان بين سنتي 1975 و2008. ويشكل هذا التقرير المبادرة الأولى لتجميع، في مكان واحد التقارير المتوفرة حول العنف السياسي، من الصحف، المجلات، التقارير وسجلات أخرى.
تعدّ هذه الطاولة المستديرة والمنشورات جزءًا من مشروع امتدّ على سنوات عدة عنوانه "معالجة إرث النزاعات في مجتمع منقسم". ويهدف هذا المشروع إلى دعم النقاش حول إرث العنف السياسي في لبنان وإغنائه. وقد حظي المشروع بتمويل من الاتحاد الأوروبي لسنتين وتابعت ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻓﺭﻴﺩﺭﻴﺵ ﺇﻴﺒﺭﺕ المهمة في السنة الاخيرة.
للاتصال:
بيروت: كارمن أبو جودة، مديرة مكتب المركز الدولي للعدالة الانتقالية في لبنان الهاتف: 044 738 1 961+ البريد الالكتروني: caboujaoude@ictj.org
نيويورك: ريفيك هودزيك، مدير قسم التواصل، المركز الدولي للعدالة الانتقالية الهاتف: 8353 637 917 1+ البريد الالكتروني: rhodzic@ictj.org
صورة: توماس ليوثارد/Flickr