كتب ديفيد تولبرت، رئيس المركز الدولي للعدالة الانتقالية
17 يوليو من عام 1998 غير المشهد العالمي بخصوص المساءلة عن الجرائم الأكثر فظاعة. في ذلك الوقت صادقت 120 دولة على نظام روما، الأمر الذي مهد الطريق لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وهي هيئة تهدف إلى ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. كان يوما اتخذت فيه الدول حول العالم موقفا ضد الإفلات من العقاب، والذي نحتفل سنويا به كاليوم العالمي للعدالة الدولية.
ربط نظام روما الأساسي المحكمة الجنائية الدولية التي أنشئت حديثا بالمحاكم الوطنية للدول الأعضاء فيها، واضعا إياها كمحكمة الدرجة الأخيرة. للمحاكم الوطنية السلطة القضائية الابتدائية على الجرائم، مع بقاء المحكمة الجنائية الدولية بمثابة بديل لضمان تقديم الجناة للمساءلة. وتعرف هذه العلاقة بين المحاكم الوطنية والمحكمة الجنائية الدولية يالتكامل، وهو مفهوم بالغ الأهمية لفهم الدور الذي تلعبه المحكمة الجنائية الدولية في المحاكمات الجنائية، وأيضا لماذا نحتفل بيوم العدالة الدولية.
يؤثر التكامل علي الكثير من الناس خارج لاهاي، في البلدان المُوقّعة التي ارتكبت فيها هذه الجرائم البشعة - ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والناشطين والمحامين والمسؤولين القضائيين، وحتى الصحفيين والمجتمع المدني بصفة عامة.
بسبب الدورالمركزي الذي يلعبه التكامل في المعركة العالمية ضد الإفلات من العقاب، هذا العام يحتفل المركز الدولي للعدالة الانتقالية باليوم العالمي للعدالة الدولية بإصدار: الدليل حول التكامل: مقدّمة عن دور المحاكم الوطنية والمحكمة الجنائية الدولية في المقاضاة في الجرائم الدولية . تجنبا للنواحي الفنية، يشرح هذا الدليل العلاقة بين المحاكم الوطنية والمحكمة الجنائية الدولية بطريقة مباشرة للمدافعين عن العدالة بشراسة في بلدانهم وليسوا بالضرورة محامين أو مختصين. حملوا النسخة الكاملة مجانا واستكشفوا عرض الوسائط المتعددة لدينا.
وتبين التجربة أن من دون مساعدة كبيرة من منظمات المجتمع المدني العاملة في البلد الذي ارتكب الجرائم (والضغوط التي يمكن أن تُطرح على الحكومات) تميل فرص رؤية العدالة إلى أن تكون منخفضة. ونحن نأمل أن يكون هذا الدليل أداة مفيدة في معركتهم التي لا تعرف الكلل من أجل المساءلة.
مكافحة الإفلات من العقاب لا تزال هامة - ومتزعزعة - كما كانت من قبل. ففي السنوات الأخيرة تعرضت المحكمة الجنائية الدولية للهجوم. وتجاهلت الدول التي وقعت على نظام روما الأساسي أوامر الاعتقال من المحكمة، مما سمح للجناة المزعومين بالتحايل على القانون. و فشلت عدة جهود وطنية لمحاكمة مرتكبي الفظائع. كما انهارت القضايا الدولية. باختصار: هناك قلق شديد من أن مرتكبي الفظائع قد يتملصون من العدالة، وحياة وصالح الملايين من الناس في جميع أنحاء المعمورة معلقة في الميزان.
ونظرا لهذه المخاطر فإن التكامل أمر في غاية الخطورة - فهمه يعني فهم إحدى الأدوات الرئيسية في هذه المعركة. كان واضعو نظام روما الأساسي على حق بوضع المسؤولية على عاتق الدول الأطراف لملاحقة جرائم نظام روما، بينما واقعيا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية لعب دور محكمة الملاذ الأخير فقط. غَيْرَ أَنَّ هذا يترك العديد من الأسئلة الصعبة – والكثير من العمل - لبقيتنا الذين يعملون على تعزيز الهيئات القضائية الوطنية. انضموا إلينا ونحن نستكشف هذه الأسئلة في اليوم العالمي للعدالة الدولية هذا.
الصورة: مباني المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. (صور الأمم المتحدة / ريك باجورناس)