تأملات في النضال من أجل العدالة: ريشما ثابا

28/02/2017

ونحن ننظرُ إلى الوراء على مدى 15 عاماً من عمل المركز الدوّلي للعدالة الانتقالية، نُدركُ أن ثروتنا الحقيقية هي أولئك الأشخاص الذين جَعَلُوا مساهمتنا ممكنة بمعرفتهم وخبرتهم وتفانيهم. للاحتفاء بكل الذين كانوا جزءًا من قصة المركز الدوّلي للعدالة الانتقالية على مدى سنوات سألنا عدداً من زملائنا السابقين أن يكتبوا تأملاتهم وذكريات اللحظات البارزة: تلك اللحَظات التي جَعلت عملنا أكثر وضوحاً. في الأسابيع والأشهر القادمة سوف ننقل لكم قصصهم عن تأملات في النضال من أجل العدالة.

ريشما ثابا، منتسبة سابقة أولى بالمركز الدوّلي للعدالة الانتقالية في نيبال (2009- 2013)، تتذكر حادثة رقص مُؤَثّرة بين مجموعة من بين النساء في قرية صغيرة.


كان عام 2010، وكنتُ في منطقة تيراي في نيبال أشرفُ على ورشة عمل محلية في مجال العدالة الانتقالية. في تيراي، تعاني الكثير من النساء من التمييز المتعلقة بالتقاليد الهندوسية. فقد قال الفيلسوف الهندوسي مانو ذات مرة: "المرأة لا يجب أبداً أن تكون مستقلة."

ورشة العمل التي بدت عادية تَحَوَّلَت بطريقة سحرية ذات ليلة لمسحة عرفتُ فيها كيف يُمكن لمقدارٍ ضئيل من الاستقلال أن يبعث الفرح في الوجوه الحزينة.

    Image removed.
جرى التدريب على مدى أربعة أيام، وشمل كلًا من الرجال والنساء الذين تضرروا من الصراع بين الحكومة والمتمردين الماويين التي اجتاح البلاد لمدة عشر سنوات. كما هو شائع في تيراي، بسبب وجود الرجال في ورشة العمل، غطت العديد من النساء رؤوسهن بالساري باستخدام القطعة الطويلة من القماش التي تبقى معلقة خلف الرقبة.

نحو نهاية وقتنا معاً، نظمتُ ليلة ثقافية يتمكن الأفراد فيها من تبادل أغانيهم المحلية ورقصاتهم وقصصهم. لاحظتُ أن النساء من التلال، اللواتي لم يغطين رؤوسهن، رقصن للمجموعة،مع أنّ الرجال كانوا حاضرين. أمّا النساء من السهول، مع رؤوس مغطاة، غنوا- أغاني حزينة عن الفقدان- ولكن لم يؤدين الرقصات التقليدية أمام الرجال.

في نهاية المساء، كنتُ أغلق مكان الاجتماع المظلم عندما سمعتُ صوت خفيضاً بالخارج يناديني. طللتُ من النافذة ورأيت واحدة من النساء، رأسها مغطاة لها الساري، والتي قُتل زوجها في الصراع. كان خلفها اثنين من النساء المسنّات. التقت أعيننا. توقفت المرأة، وآنذاك فقط أدركت كم كانت يافعة عندما كشفت عن رأسها وبدأت ببطء في الرقص. كانت حركتها رشيقة وحرة. بُهتُ. بدأت النساء المسنات في التصفيق والغناء، وبإلهام من الصغيرة، بدأن في تناوب الرقص بينما نَمَى الليل صامتاً من حولهم.

كنتُ مذهولة. لماذا كانت ترقص؟ ولماذا رقصت أمام ؟ كنتُ آمل أنّ رقصهاُ ولد من المساحة التي أتاحتها ورشة العمل. هل كانت تبلور وعياً جديداً بحقوقها، على الرغم من أن تلك الحقوق تبدو بعيدة المنال؟ أكان هذا بياناً ببهجة استقلالها؟ لن أعرف أبداً على وجه اليقين ما كان مصدر الإلهام لرقصها.


الصورة: نساء نيباليات في منطقة تيراي. (Adam Jones/Flickr)