مع انطلاق حملات التلقيح ضدّ كوفيد-١٩ في العديد من البلدان وإعادة فتح اقتصاداتها وحدودها تدريجيًا، يستمر فيروس كورونا في تدمير المجتمعات الهشة. بالاضافة الى ذلك، تحملت هذه المجتمعات نفسها وطأة الاضطراب الاقتصادي الناجم عن الوباء، الذي أهلك سبل العيش، وزاد الفقر، وفاقم عدم المساواة في العديد من البلدان.
في وقت مبكّر من انتشار الوباء، سارعت البلدان إلى إغلاق حدودها وفرض تدابير طارئة، مثل حظر التجول وقيود السفر والإغلاق التام. نشرت الدول قوات الأمن لتطبيق هذه الإجراءات، والتي أسفر بعضها عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والقتل وترهيب الأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم لا يمتثلون لأوامرهم. كولومبيا وكينيا ولبنان وأوغندا - جميع البلدان التي يعمل فيها المركز الدولي للعدالة الانتقالية - هي من بين تلك البلدان التي قامت أجهزتها الأمنية بتسليح سلطاتها بموجب تدابير الطوارئ هذه وغالبًا ما استخدمت وسائل وحشية لإبعاد الناس عن الشوارع. بينما ارتكبت قوات الشرطة الدستورية الجزء الأكبر من هذه الانتهاكات، فإن عددًا متزايدًا من القوات شبه العسكرية والحراس المدنيين وغيرهم من القوات غير الحكومية ارتكبوا أيضًا انتهاكات لحقوق الإنسان أثناء تطبيق تدابير الطوارئ.
إنَّ تفشّي جائحة كوفيد-91 يؤكّد على واجب الدول بحماية الحقّ الطبيعي في الحياة، وبالتالي الحقّ في الصحّة. تسمح قوانين حقوق الإنسان الوطنية والدولية للدول بتعليق بعض الحقوق لفترة مؤقتّة واللجوء إلى صلاحيات خاصّة قد تعُتبرَ انتهاكًا للحرّيات المدنية في الظروف العادية. فالحاجة إلى حماية المصلحة العامّة تبُرّر هذه الإجراءات.
تحُللّ هذه الدراسة الاتجّاهات الناشئة في مراقبة تطبيق الإجراءات من قِبلَ مجموعات غير رسمية، ومواقف الشرطة النظامية القاسية لمراقبة تطبيق الإجراءات خلال فترة تفشّي الجائحة في أربعة بلدان: أوغندا ولبنان وكينيا وكولومبيا. تتناول هذه الدراسة أيضًا كيفية بروز الجماعات المسلحّة وكيف بسطت سيطرتها في المجتمعات التي لا تحظى بوجودٍ حكومي، ففرضت حالات الطوارئ وتدابير الإغلاق التامّ، من دون مراعاة مبادئ التناسُب وعدم التمييز. في البلدان الأربعة التي شملتَها الدراسة، لجأت الشرطة النظامية والقوّات شبه العسكرية إلى زيادة صلاحياتها، وأساءت استخدامها على نطاقٍ واسع، كنتيجة مباشرة لتفشّي جائحة كوفيد-91. ويعُتبرَ أسلوب العمل الذي اعتمدته بعض هذه القوى الأمنية أكثر فتكًا من الفيروس - فكشفَ النقاب عن مكامن الضعف العميقة في بعض هذه الأنظمة الديمقراطية.